![كلمة السيد الوزير أحمد عطاف، بمناسبة إحياء يوم إفريقيا، ألقاها نيابة عنه السيد الأمين العام](https://mfa.gov.dz/_next/image?url=http%3A%2F%2Fassets.mfa.gov.dz%2Fmedia%2Fuploads%2Farticles%2F%25D9%2585%25D9%2582%25D8%25B1%25D9%2585%25D8%25A7%25D9%2586_%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AE%25D8%25B7%25D8%25A7%25D8%25A8.jpg&w=3840&q=70)
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبيه الأمين،
سعادة سفير الجمهورية الإسلامية الموريتانية ممثلا عن السلك الدبلوماسي الإفريقي بالجزائر،
صاحبات وأصحاب السعادة أعضاء السلك الدبلوماسي ورؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدة بالجزائر،
السيدات والسادة ممثلو أجهزة ومؤسسات الإتحاد الإفريقي المعتمدة بالجزائر،
السيدات والسادة إطارات وزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج،
أعضاء أسرة الإعلام،
السيدات والسادة الحضور،
بداية النص:
اسمحوا لي أن أتلو اليوم على مسامعكم الخطاب الموجه إليكم من طرف معالي السيد أحمد عطاف، وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، الذي حالت التزاماته الطارئة من الإلتآم معكم اليوم والإشراف شخصيا على فعاليات الاحتفال بيوم إفريقيا 2024، هذه الذكرى المصادقة لتأسيس منظمة الوحدة الإفريقية، والتي لا تأبى من خلالها إلا أن نجدد العهد مع الالتزامات الثابتة لآبائها المؤسسين وأن نحتكم بالمثل الأسمى التي أقروها حينها في سبيل تحقيق طموحاتهم في التحرر والتكامل ونشر الأمن والسلام عبر أرجاء قارتنا والرقي بها إلى مقدمة ركب الحضارة.
السيدات والسادة، الحضور الكريم،
إن احتفالنا اليوم بهذه الذكرى لَيُعد مناسبة لنقف وقفة إكبار وإجلال لهؤلاء الآباء الأفذاذ الذين آمنوا يقينا بمكنونات شعوبنا الإفريقية فخطُوا سبيلنا نحو تحقيق آمال إفريقيا والمضي بها على درب الوحدة والتقدم والازدهار.
وإذ أضحت هذه المناسبة السعيدة على مر السنين عاملا من عوامل إذكاء المثل العليا التي حملتها روح الوحدة الأفريقية، إلا أنها تعد أيضا محطة للتأمل في المسار الذي قطعناه معا منذ ذلك اليوم يوم 25 ماي 1963، تدعونا للتدبر في ماضينا، وتقييم حاضرنا، وتصور مستقبل أكثر إشراقا لمنظمتنا الإفريقية ضمن محفل الأمم.
أيها الحضور الكريم،
لقد مثل اتحادنا الإفريقي منذ تأسيسه، شعلة أمل وشهادة على ما يسعنا تحقيقه عندما نقف متحدين ومتآزرين من تعزيز للسلم والأمن في ربوع القارة واندماج وتكامل اقتصادي، وكذا إطلاق الطاقات النشء الصاعد عبر إعداد أجيال تتمتع بالقدرة على اتخاذ القرار ومواجهة متطلبات العصر وقيادة قارتنا، مستقبلا، نحو عصر جديد من الابتكار والازدهار، وهو الهدف الذي تحرص منظمتنا الإفريقية على تحقيقه من خلال إعلان السنة الجارية سنة تعليم إفريقي يواكب القرن الحادي والعشرين: بناء أنظمة تعليمية مرنة لزيادة الوصول إلى التعلم الشامل والمستمر والجيد والملائم في إفريقيا”.
أيها الجمع الكريم،
إن الجزائر، المعتزة بانتمائها الإفريقي، ليحدوها، تحت قيادة رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، الحرص والعزيمة الدائمين لاستكمال الجهد الإفريقي الجماعي ومواصلة تدعيم المكاسب المحققة وتعزيز التقدم المسجل على جميع الأصعدة، وفاء للمثل العليا الأفريقية في أبعادها الثلاث: التحرر والتنمية والتكامل.
وإيمانا منها بأهمية التنمية المستدامة كمحرك أساسي للسلام والاستقرار والازدهار في القارة الإفريقية، تؤكد الجزائر على التزامها الراسخ بالمساهمة الفاعلة في تحقيق أهداف أجندة 2063. من خلال التركيز على تعزيز التعاون والشراكات بين الدول الإفريقية في مختلف المجالات.
وهو الالتزام الذي تقيدت به الجزائر من خلال إطلاق العديد من المشاريع والمبادرات. الملموسة، لاسيما دعم المشاريع التنموية في مختلف الدول الإفريقية الشقيقة عبر الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي من أجل التضامن والتنمية، ناهيك عن المضي في إنجاز مشاريع إدماج حقيقية للبنية التحتية الإقليمية والقارية، والتي تذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: مشروع الربط بالألياف البصرية مع النيجر ونيجيريا وتشاد ومالي وموريتانيا، مشروع إنجاز أنبوب الغاز الذي ينطلق من نيجيريا مرورا بالنيجر والجزائر وصولا إلى أوروبا، مشروع إنشاء خط سكة حديدية يربط الجزائر بباماكو ونيامي مشروع الطريق العابر للصحراء ومشروع الطريق الرابط بين مدينتي تندوف الجزائرية والزويرات الموريتانية.
أبيها الجمع الكريم،
انطلاقا من قناعتها أن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب بيئة مستقرة وآمنة، ظلت الجزائر عاكفة على المبادرات الدؤوبة لحل الصراعات واستتاب الأمن ومكافحة ظاهرتي الإرهاب والتطرف العنيف والجريمة المنظمة العابرة للحدود في جوارها وفي كامل ربوع إفريقيا.
وبالرغم من الانجازات المحققة في هذا المجال، ستظل مسيرتنا غير مكتملة ما دمنا لم نتخلص نهائيا من شبح هاته الآفات، وقبل ذلك ما لم نحقق الهدف الأصيل للآباء المؤسسين لنيل الحرية والانعتاق من الاستعمار المقيت الصالح كافة الشعوب الإفريقية. فلا يمكن أن نقف اليوم مكتوفي الأيدي أمام معاناة شعب شقيق لنا لا يزال قابعا تحت الاحتلال في آخر مستعمرة إفريقية في الصحراء الغربية، فنحن مدعوون أكثر من أي وقت مضى الإحقاق حق الشعب الصحراوي في الإنصاف وتقرير مصيره، حق غير قابل للتصرف أو التقادم، حتى يتسنى لنا علي آخر صفحة من تاريخ الاستعمار في قارتنا العزيزة.
أيها الحضور الكريم،
لقد أبانت الأحداث الأخيرة في العالم، مدى الوهن الذي اعتلى الدور الذي يفترض أن يضطلع به مجلس الأمن في حفظ السلم والأمن الدوليين وفي صناعتهما، وليست لغزة المكلومة سوى شاهدة على ازدواجية معايير هذا المجلس.
إن جرائم الاحتلال الأخيرة، وكما كانت دائما، لا تستدعي مجرد الإدانة، بل تستوجب علينا توحيد الصفوف والقيام بتحرك جماعي ينهي هذه المأساة، التزاما بمبادئنا وقيمنا المشتركة ضد الاستعمار والقمع والفصل العنصري والتضامن الإفريقي الراسخ تاريخيا مع الشعب الفلسطيني في سعيه المشروع من أجل نيل الحرية وقيام دولته المستقلة. وهو الهدف الذي تعمل الجزائر جاهدة على تحقيقه أمام هيئات صناعة القرار الأممية، بالتنسيق الشام مع جميع مناصري هذه القضية العادلة.
أصحاب السعادة، السيدات والسادة،
أود كذلك من هذا المنير أن أذكر بأن الجزائر اليوم ومن خلال العهدة المنوطة بها في مجلس الأمن تبقى ملتزمة تمام الالتزام بالتنسيق والتعاون والتضامن مع أشقائها الأفارقة، ومتمسكة تمام التمسك بالنهج القويم الذي تم إرساؤه من خلال توافقاتنا السابقة، والمتمثل في توحيد صوت قارتنا وتعزيز تأثيرها الإيجابي في أعلى هيئة أممية مختصة بالسلم والأمن الدوليين وفي باقي الهيئات والمحافل الدولية.
وهذا ما يجعلنا في الوقت نفسه، نؤمن بحتمية تحقيق نظام دولي أكثر تمثيلا وديمقراطية. نظام يتم من خلاله جبر ضرر هذه القارة المظلومة تاريخيا. قارة إفريقيا، الأكثر حضورا بمآسيها في مجلس الأمن، وإفريقيا، الأقل تمثيلاً بين أعضاءه غير الدائمين، والغائبة أو المغيبة كليا عن عضويته الدائمة، خلافا لروح ميثاق الأمم المتحدة بشأن مبدأ التمثيل الجغرافي المنصف. فلم يعد هنالك شك أن التشكيلة الحالية للمجلس لم تعد تعكس الواقع الراهن ولا تحديات الواقع. وهو الأمر الذي يستدعي منا استحضار الصرامة وتوحيد الصفوف من أجل التشبث بموقفنا المطالب بإصلاح مجلس الأمن الدولي التزاما بتعهدات دولنا في إطار توافق إيزولويني ” Ezulwini و “إعلان سرت”.
أيها الجمع الكريم،
أختتم مداخلتي هذه بالتأكيد أن الجهد الجماعي الهادف للرقي بقارتنا نحو أفق أرحب يستدعي انسجاما بين مواقفنا، وتنسيقا لنشاطاتنا، وتكييفا لهياكلنا للوصول إلى إفريقيا التي نريد، هذا الشعار الذي ينبغي أن نجعل منه عنوانا ودليلا المرامي ومقاصد عملنا.
معا، يمكننا تحقيق إفريقيا التي تريد إفريقيا التي تقف شامخة فخورة بإنجازاتها وواثقة في مستقبلها”.
كل عام وإفريقيا بألف خير
شكراً لكم جميعا على كرم الإصغاء وطيب المتابعة
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته