الجزائر- أكدت شخصيات وطنية ورفقاء المجاهد ورئيس الحكومة الأسبق رضا مالك الذي وافته المنية أمس السبت، أن الفقيد كان شخصية معطاءة وفذة، وأفنى حياته في خدمة الجزائر عبر مختلف المسؤوليات التي تقلدها، وفي أصعب الفترات التي مرت بها البلاد.
واعتبر المجاهد ورئيس الحكومة الأسبق بلعيد عبد السلام، على هامش مراسم تشييع جنازة رضا مالك اليوم الأحد بمقبرة العالية، أن “التكوين الفلسفي الثوري للفقيد كان له أثر واضح على شخصيته”، مؤكدا أنه قبل العمل معه كوزير للشؤون الخارجية في الحكومة التي ترأسها السيد عبد السلام مطلع التسعينيات، “عرفناه منضالا أيام الثورة وبداياته مع الحركة الطلابية وبعدها إسهامه الإيجابي في مفاوضات إيفيان بفضل تجربته الدبلوماسية”.
من جهته، أكد وزير الدولة مدير الديوان برئاسة الجمهورية والأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى، أن رضا مالك “أعطى كل شيء للجزائر”، منوها بتحمله المسؤوليات الكبيرة عبر مختلف مراحل تاريخ الجزائر المعاصر، فهو “كان عضوا في المجلس الأعلى للدولة ورئيسا للمجلس الاستشاري الوطني وكافح ضد الإرهاب كما تحمل مسؤولية المفاوضات مع صندوق النقد الدولي”.
فيما أكد وزير الدفاع الأسبق اللواء المتقاعد خالد نزار، أن رضا مالك “أكبر من أي كلمات قد تصفه، ومن الصعب إعطاءه حقه” نظير الخدمات الكبيرة التي قدمها للدولة الجزائرية.
ومن جانبه، قال الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس، أن “الجزائر فقدت واحدا من أعمدة التاريخ والثورة”، داعيا الأجيال الصاعدة إلى الإطلاع على “إنجازات هذا العملاق الذي يعد رمزا ونموذجا”.
وعن الجانب الثقافي للرجل السياسي، قال المدير العام للأرشيف الوطني عبد المجيد شيخي أنه “يعتز” بالراحل كمثقف، مؤكدا أن الجزائر “فقدت أحد أقطابها ورجالاتها الذين واكبوا تاريخ الجزائر المعاصر قبل استرجاع السيادة الوطنية أو بعده”، مضيفا أنه “ترك في الحياة العامة أثرا بالغا بفضل إخلاصه وتواضعه ومواقفه الجريئة”.
وأوضح السيد شيخي أن رضا مالك كان حريصا على إبداء رأيه في بعض القضايا التاريخية، معتبرا أن كتابه “+تقاليد وثورة+، من أحسن الكتب التي قرأتها في تاريخ الجزائر المعاصر”، داعيا إلى “دراسة شخصية الفقيد لأنه باحث ومثقف كبير وبصمته في وسائل الإعلام لا تمحى”.
وفي ذات الإطار، عبر الكاتب والروائي واسيني الأعرج، عن حزنه العميق إثر هذه “الخسارة الكبيرة”، مؤكدا أن رحيل رضا مالك “سيترك فراغا كبيرا”، مشيدا بخصال الراحل الذي “أضفى تغييرا إيجابيا في كل الوزارات التي سيرها وجند كل الطاقات الفعالة فخياراته كانت دقيقة”.
وعن فترة توليه لمنصب وزير الثقافة، قال واسيني الأعرج أن الثقافة في هذه الفترة “سمت سموا كبيرا”، مضيفا أن فترة توليه رئاسة الحكومة تزامنت مع “مرحلة شديدة القسوة وكان يجب حينها اتخاذ مواقف صارمة”، مؤكدا أن رضا مالك “كان من الذين حافظوا على الدولة وحموا استمرارها”.
ودعا الروائي الأجيال الصاعدة إلى “الوفاء للمشروع الثقافي لرضا مالك لأنه كان من دعاة تجديد الخطاب الوطني ثقافيا”، مشيرا إلى أنه كان “من السياسيين المثقفين القلائل الذين حافظوا على التوازن بين السياسة والثقافة”.